FR / AR / EN

FR / AR / EN





(5.1)

من أجل سينما وطنية: 1966، تعريف السينما المغربية

(مجلة أنفاس)
 



بينما يتساءل السينمائيون الرواد في المغرب عن "تعريف السينما في سياق مغربي"، كان الطلبة السينمائيون المغاربة في لودز يطرحون هم أيضا نفس الأسئلة ويحاولون الإجابة عليها من خلال أفلامهم الدراسية. كيف ستكون خصوصيات هذه السينما الوطنية المستقبلية؟ كيف ستعالج المشاكل الاجتماعية من خلال السينما؟ ماذا يمكن أن تفعل السينما؟

نشرت المجلة الثقافية الطليعية "أنفاس" في عددها الثاني (1966) ندوة حول "السينما المغربية". كان أحد المشاركين فيهاهو كريم إدريس، الذي سيلتحق بمدرسة لودز السينمائية بعد ذلك بسنوات قليلة.

بالنسبة لكريم إدريس، فإن "السينما وسيلة تعبير شاملة (...) يجب أن تعكس السينما الحالة المزاجية، وتاريخ الشعب، وأن تكون انعكاسًا للمجتمع الذي أعيش فيه، وسيعتمد ذلك على درجة إدراكي للمشاكل". وبذلك يوافق على رؤية المخرج أحمد البوعناني الذي يرغب في " أن تصبح هذه السينما وسيلة للنضال والاحتجاج وضمان تعميمها، وأن تكون أيضا شهادة لبلدنا وعصرنا".

تقرر أن يكون هذا النقاش بمثابة منصة لكي يعبر المخرجون المغاربة الذين يجدون أنفسهم في "طريق مسدود". بما أن السينما المغربية حديثة الظهور، لكنهم يحاولون شرح وفهم "استحالة صناعة السينما المغربية"، ولكنهم يرغبون في تقديم "إجابات وحلول" لها. وكان سياق إنهاء الاستعمار حاضرًا في مناقشاتهم، فبالنسبة للبعض هناك ضرورة ملحة للإعلام والتثقيف، وبالنسبة للآخرين الحاجة الملحة هي "إنهاء الاستعمار الثقافي" والوعي بالذات من أجل إنجاز السينما الوطنية.

سيتم حظر مجلة "أنفاس" سنة 1972، وكانت قد شهدت منعطفا سياسيا في أعدادها الأخيرة، وسيُعتقل مؤسسها عبد اللطيف اللعبي بتهمة "جريمة الرأي".

لفهم تاريخ المجلة نقترح عليكم كتاباً مرجعياُ: (مجلة"أنفاس" 1966-1973: آمال لثورة ثقافية في المغرب، كنزة الصفريوي، الدار البيضاء، منشورات "سيروكو" 2013)



.1

ملف السينما: "من أجل سينما الوطنية"



ندوة حول السينما المغربية، مجلة "أنفاس"العدد رقم 2، الرباط، الفصل الثاني 1966، عبد اللطيف اللعبي.

النص الأصلي الكامل موجود هنا




عبد اللطيف اللعبي: أتوجه إليكم كمخرجين، كيف تعرفون السينما في سياقها المغربي؟

عبد الله الزروالي: بالطبع، يمكن أن يختلف تعريف السينما باختلاف الشخص الذي يصوغه. لكن من الضروري بالنسبة لنا تحديد ماهية السينما في المغرب. أعتقد أنه في بلد شاب مثل بلدنا، وهو في مرحلة النمو، يجب أن تكون السينما قبل كل شيء تربوية.

محمد عبد الرحمن التازي: يجب أن تكون السينما المغربية وسيلة إعلامية. وبهذا المعنى ستكون أكثر فعالية. لذلك. في البداية يجب التفكير في الأفلام القصيرة الثقافية والتربوية والصحية التي تستهدف جميع طبقات المجتمع، بهدف الإعلام.

أحمد البوعناني: في رأيي، السينما في المغرب هي حاليا وسيلة للدعاية.

عبد اللطيف اللعبي: دعونا نحاول البقاء ضمن التعريف في الوقت الحالي.

أحمد البوعناني: ما هي السينما الإعلامية؟ ما الذي ينبغي الإخبار به؟

عبد الله الزروالي: السينما ليست هذا فقط. لكن الأخبار جانب أساسي منها. أعتقد أن الجمهور يحتاج إلى إعلام بما يجري داخليا وحول الأحداث التي تَحْدُثُ في العالم. يجب ألا يظل المغربي منغلقًا على نفسه. يجب تجنب هذه العزلة.

محمد السقاط: السينما هي قبل كل شيء وسيلة تعبير. كل مخرج يتصورها وفقًا لمعاييره الخاصة. ومع ذلك، في بلد مثل بلدنا، الذي مازال فتيا في هذا المجال، تفرض السينما الإعلامية نفسها.

أحمد البوعناني: للحصول على المعلومات. هناك الصحافة.

عبد الله الزروالي: نعم. لكن السينما وسيلة اتصال جماهيري.

أحمد البوعناني: أنا شخصياً أرى السينما كوسيلة للترفيه وكفرجة. ثم، يمكن أن تكون وسيلة لتثقيف الجماهير.

عبد الله الزروالي: أي تعريف لن يكون إلا مؤقتًا، وحتى تقليديًا. أعتقد أننا يجب أن نبدأ بتحديد الغرض من هذه السينما، والدور الذي يمكن أن تلعبه في بلدنا. علينا أن نظهر الجانب المفيد للسينما والخدمات التي يمكن أن تقدمها كوسيلة للتعبير.

إدريس كريم: لا أحب الفن النفعي كثيرًا. إنه أمر محرج للغاية.

عبد الله الزروالي: لمن؟

ادريس كريم: حاليا. عندما ترى انتاجات هذا الفن النفعي، فهي سلبية للغاية.

عبد الله الزروالي: إنها وجهة نظر.

ادريس كريم: يجب أن يُسمح للإنسان أن يزدهر ويبدع

محمد عبد الرحمان التازي: لكن السؤال هو هل يجب أن تكون السينما في المغرب فنًا أم وسيلة اتصال وإعلام.

ادريس كريم: يجب أن تكون السينما قبل كل شيء وسيلة للتواصل. لأنه بالنسبة للأخبار، هناك وسائل أخرى، ربما تكون أكثر فعالية. الراديو مثلا....

عبد الله الزروالي: هناك بالتأكيد وسائل أخرى للأخبار. لكن السينما هي الوسيلة الأكثر أهمية لأنها يسيرة الولوج أكثر من غيرها. على سبيل المثال، نظرًا لنسبة الأميين، لا يمكن للجميع قراءة الصحف.

ادريس كريم: وليس الجميع قادر على الذهاب إلى السينما.

محمد عبد الرحمان التازي: هناك القوافل السينمائية.

ادريس كريم: نعم، لكنك تعلم. بأنه لا تزال القوافل السينمائيةعشوائية. تستهدف عدداً قليلاً من الأشخاص الذين لا يفهمون أي شيء. تم تصورها بشكل سيء للغاية منذ البداية. إنها شيء جيد جدا في حد ذاته. لكن الأمر يتطلب منشطين ومؤطرين ومربيين، يضمنون حوارًا حقيقيًا مع الجماهير لكي تكون تلك القوافل ذات فعالية.

عبد الله الزروالي: يجب أن نتفق على ما نسميه بالإعلام. الخبر ليس سياسيا فقط، فهو يشمل عدة مجالات.

ادريس كريم: أكرر مرة أخرى أن الراديو أكثر فعالية لأنه في متناول أي شخص. هذا فيما يتعلق بالأخبار. أعتقد أن السينما فوق الأخبار.

عبد اللطيف اللعبي: إذا كنتم تعتقدون أن السينما يجب أن تكون قبل كل شيء وسيلة للأخبار، أود أن أعرف نوع الجمهور الذي تستهدفه هذه السينما في المغرب.

أحمد البوعناني: الجمهور الحالي هو أساسا من سكان المدن. موجود في المدن الكبرى. إنه يمثل نسبة صغيرة جدًا من السكان. وهويتكون في الغالب من الموظفين والطلبة، ناهيك عن الجالية الأوروبية. لذلك من الضروري أخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات، وبالتالي، العمل على أن تصبح هذه السينما وسيلة نضالية، ومطلبية، لضمان تعميمها، والعمل على أن تكون شاهدة على بلدنا وعصرنا. .

عبد اللطيف اللعبي: أود أن أطرح سؤالاً على كريم، لتحديد أكثر مضمون مناقشتنا. من خلال إنتاج فيلمك بعنوان "النظرة التي تدوم" حول ثلاثة رسامين مغاربة. ما هي الأهداف التي سعيت إليها؟ هل كان فيلمًا فنيًا أم فيلمًا إعلاميًا أم أنك تحاول إيصال شيء آخر؟

أحمد البوعناني: أعتقد أنه أنجز فيلما إعلاميا فقط.

ادريس كريم: يجب وضع الفيلم في سياقه.كان في البداية فيلماً تحت الطلب. لكنني حاولت إنجاز فيلم بحثي عن الفن التشكيلي. وشمل بحثي أيضًا الموسيقى.

عبد اللطيف اللعبي: هل فيلمك يمكن تبليغه إلى جمهور واسع؟

ادريس كريم: لا أعتقد ذلك. موضوعه لم يسمح بذلك. عانى من الإعاقة منذ البداية. كنت أبحث أكثر عن تعميم الفن التشكيلي، وأحاول إيجاد مصادر إلهام التشكيليين، وتقديم خدمة لهم. لكنه يبقى بالنسبة لي عملا تعميميا.

عبد اللطيف اللعبي: لنفترض وضعًا مثاليًا، حيث يكون للمخرج المغربي الحرية وكل الوسائل للتعبير عن نفسه. ماذا ستفعلون، ما هي المجالات المحددة التي ستباشرونها؟

أحمد البوعناني: هذا من شأنه أن يدفعنا إلى تعريف السينما الوطنية. لهذا، في رأيي، يجب أن نأخذ في الاعتبار كل ما حدث في المغرب، أذواق الجمهور، مستوى تعليمه. من هنا، يمكننا أن نصنع إما سينما مغامرات، إما ذات طبيعة اجتماعية وسياسية، أو اقتصادية أو تربوية (أفلام وثائقية علمية، ثقافية، إلخ).

عبد الله الزروالي: عليك أن تكون على دراية بالمشاكل التي تواجه بلدك ومشاكل تنميته. ينبغي أن تكون المواضيع التي سيقترحها المخرج تكب في هذا الاتجاه.

أحمد البوعناني: لكن أنتَ، ماذا تتمنى أن تفعله شخصيا؟

عبد الله الزروالي: أود أن أخرج أفلامًا قصيرة التي تحتوي على مواضيع ذات فائدة فورية، مواضيع تربوية.

ادريس كريم: بالنسبة لي، لا أقول لا الفيلم القصير ولا الفيلم الطويل. السينما وسيلة تعبير شاملة. بالنسبة لي، يجب أن تعكس السينما الحالة المزاجية، وتاريخ الشعب، وأن تكون انعكاسًا للمجتمع الذي أعيش فيه، وكل شيء سيعتمد على درجة إدراكي للمشاكل المطروحة.

أحمد البوعناني: أتفق جزئياً مع ما قاله الزروالي. أود أن أضيف أن السينما يجب أن تكون ترفيهية أيضًا. يجب أن تكون هناك المغامرة، بل وأفلام "الويستيرن" أو "رعاة البقر"، لما لا؟ "ويستيرن" (أستخدم كلمة "الويستيرن" لأنني لا أجد أخرى مقابلة لها) ببعد فريد، وطنيي يعتمد على تقاليد البلد. أفلام مغامرات تربوية وممتعة للمشاهدة في ذات الآن. وأيضًا أفلاماً صرفة، للفرجة فقط، بعرضها مجانا.

عبد الله الزروالي: عندما أقول تربوي، فهو وصف عام جدًا. كل ما يًمَكِّنُ المغربي من معرفة بلده وبيئته هو تربوي.

محمد السقاط: ما يقوله الزروالي والبوعناني صالح جدًا للمغرب وإفريقيا بشكل عام. يجب أن تكون السينما تربوية قبل كل شيء.

محمد عبد الرحمان التازي: أعتقد ذلك أيضًا.

ادريس كريم: أرى أنه بشكل عام، ركزنا أساسا على الجانب التربوي والتعليمي بطريقة ما. فهذا ليس هو السينما، بل التربية من خلال الوسائل السمعية-البصرية. هذا مجرد جانب من الجوانب العديدة للسينما.

محمد عبد الرحمان التازي: لأنه استعجالي حاليا

ادريس كريم: السينما ليست مجرد وسيلة تربوية. يحتاج الإنسان إلى تناول الطعام، لكنه يحتاج إلى رفع مستواه أيضا.

أحمد البوعناني: بشكل ملموس، لا يمكننا إنتاج سينما وطنية، حسب تعريفنا، إلا وفقًا لأسباب تاريخية دقيقة للغاية، ووفقًا للمنافسة الأجنبية. يجب علينا محاربة الغزو الأجنبي في هذا المجال. لهذا قلت سابقًا أن السينما يجب أن تكون أيضًا سينما مغامرات، سينما ترفيهية.

ادريس كريم: لم نحدد بعد ماهية السينما الوطنية. ما حددناه يمكن أن يكون مجرد عمل حرفي أو أي شيء آخر. إن السينما بالرغم من كل شيء فن، وبالتالي ينبغي أن نعلم ما إذا كان لدينا شيء نساهم به في مجتمعنا. لا يمكننا الاكتفاء بالوصف وبالقصص الطريفة. علينا أن نيرز شعبنا، ثقافته وحساسيته وحضارته.

عبد الله الزروالي: ليست هناك مهمة يمكن الاستهانة بها. لا يجب أن نحد من الآفاق. نحن بلد متخلف. علينا أن نبدأ من البداية.

ادريس كريم: الأهم هو ترجمة مشاكل المجتمع الذي نعيش فيه. لا توجد وصفات جاهزة. يمكننا أن نساهم بشيء ما لهذا العالم. أنا شخصياً أتساءل عن حضارات معينة وأحياناً أبصق على هذه الثقافة الأجنبية التي تُفرض عليّ يومياً. هناك رجال في أفريقيا لديهم ما يقولونه أكثر من السيد سارتر. أعني مرة أخرى أن الوسائط السمعية-البصرية ليست سينما. هذه ليست سوى تقنيات في خدمة التربية، ويمكننا مضاعفتها، تمامًا كما يمكننا ابتكار شيء أكثر فعالية من السينما. يجب أن يخدم فن الفيلم، مثل التقنية بأسمى معانيها، الإنسان ورغباته وموهبته وتطوره بشكل عام. الفن الذي لا يخدم هذا الهدف لا يعني شيئًا بالنسبة لي.

أحمد البوعناني: حتى تكون السينما لدينا أداة للثقافة والإخبار، ومرآة للحضارة المغربية، يجب أن تكون لها خصائصها، سيكون من الضروري أن يعرف، أولئك الذين يصنعون السينما، تراثهم وتقاليدهم وحضارتهم بشكل عام. لذا، فهذه أول وظيفة يجب عليهم القيام بها قبل ممارسة السينما.

ادريس كريم: لم نقم بإدراج جميع أهدافنا حتى الآن. لم نقل بعد كل شيء عما تعنيه السينما بالنسبة لنا، ولماذا نصنع هذه السينما وماذا نريد أن نقوله ونفعله. أتذكر، أن البوعناني قال في وقت سابق أن السينما ليست من المحرمات بالنسبة له وأن مسألة الترفيه (إنجاز فيلم "الويستيرن" لأنه ممتع فقط)، مهمة بالفعل بالنسبة له. أما أنا فأرفض فكرة أن الفن مجرد ترفيه.

أحمد البوعناني: الفيلم لا يمكن أن يكون مجرد ترفيه. هذا مستحيل، وغير منطقي. لا يمكنك إنجازه.

ادريس كريم: يمكننا أن نشاهد آلاف الأفلام في تاريخ السينما التي نتساءل عن الغاية من إنجازها

أحمد البوعناني: أذكر بعضا منها. هل هي مغربية؟

ادريس كريم: لا، أنا لا أقول مغربية. لا توجد أفلام مغربية بعد. أنا أتحدث بشكل عام. تحدث البوعناني أيضًا عن أفلام "الويستيرن". ما هو فيلم "الويستيرن"؟ إنه تمجيد البطل، تمجيد الغزو، وفي عصرنا وفي مجتمعنا المغربي، ليس لدينا مكان للأبطال. اليوم لسنا بحاجة إلى رجال أعمتهم المشاعر العظيمة. نحن بحاجة إلى أشخاص على استعداد ليكونوا واعين.

أحمد البوعناني: لقد استخدمت كلمة "الويستيرن" لأنه لم يكن لدي كلمة أخرى مقابلة لها. سأقول الآن الملحمة والملحمة ليست تمجيدا للغزو أو للبطل. هناك ملحمة روسية كما توجد ملحمة هندية. لنأخذ الملحمة المغربية على سبيل المثال: ماذا يمكن لها أن تكون؟ إنها ببساطة قصة طويلة ستمتد عبر العديد من الأفلام التي تسترجع تاريخ الشعب المغربي من العصور القديمة إلى يومنا هذا.

ادريس كريم: بخصوص الملحمة، نحن متفقون.

أحمد البوعناني: يوجد مخرج سينمائي يُعَرِّفُ جيدا معنى الملحمة، إنه إيزنشتاين، حيث أنه أنجز الملاحم فقط. لقد طور بالتأكيد كلمة ملحمة بمعناها الحقيقي، والملحمة هي نوع لها مبادئ ومرجعياتمعطياتها. لا يوجد البطل في الملحمة. هناك بطل جماعي هو الشعب.

عبد الله الزروالي: قد يكون من المجدي في نظري أن نذكر ما هي الملاحم التي يمكن تناولها في المغرب.

أحمد البوعناني: تحدثت عن الملحمة في المغرب لأن لها علاقة مباشرة بالتراث الشفوي. التراث المغربي يستخدم الملحمة كثيرا. عليك فقط أن ترى فولكلورنا. الراوي، في الحلقة، عندما يحكي شيئًا ما، يهدف في المقام الأول إلى الترفيه، وهذا هو هدفه الوحيد: الترفيه عن الجمهور. وهل ما يقوله مجرد ترفيه؟ لا، لأن الناس أنفسهم يستخلصون منه درسا ما. يمكن استخلاص كثيراً من الدروس من تلك القصص الخيالية. لكن الراوي ليس مهمته إلقاءالموعظة.

عبد اللطيف اللعبي: يمكن للمخرج بعد ذلك تحويل هذا النهج باستخدام تقنية الحلقة ورواية القصص. يمكنه توصيل شيء آخر. لذلك سيكون هناك تحويل شفوي إلى إبداع فني واع.

أحمد البوعناني: نعم، لا يمكننا أن نفعل عكس ذلك. يمكننا فقط استحضارها. حتى لو أردنا إنجاز فيلم كوميدي، يمكننا فقط رواية الأشياء. لقد تمكن"شابلن" أيضًا من تقديم مفهوم كامل عن العالم.

عبد اللطيف اللعبي: هذا يدحض نسبيا عما قلناه سابقا، عندما تحدثنا بالخصوص عن السينما التربوية، والسينما لتوعية الجماهير. نلاحظ أن هناك أساليب أخرى في مجال السينما لتوعية الجمهور بحالة تاريخية واجتماعية محددة، وبالتالي عن شكل من أشكال الجمال.

عبد الله الزروالي: حذار، يجب أن نتجنب الالتباسات عندما نريد تحديد الاحتياجات السينمائية لبلد ما. صحيح أن المغرب بحاجة إلى سينمائيين يدركون تثمين الثقافة. تاريخيا وفنيا. لكن هذه ليست الغاية الوحيدة للسينما في المغرب. يمكن أن تكون مهامها متنوعة للغاية ولا يمكن تفضيل قطاع على آخر. المغرب بحاجة إلى سينمائيين ينجزون أفلاماً تربوية. إنه يحتاج إلى سينمائيين ينتجون أفلامًا طويلة يرفعون فيها القيمة الثقافية والتاريخية للبلاد. باختصار، النقطة التي أريد التأكيد عليها هي تنوع احتياجات البلاد في المجال السينمائي. عندما نتحدث عن الفن من أجل الفن أو الفن من أجل الشعب، وعن جانبه النفعي، يجب ألا ننسى أن نأخذ في الاعتبار شيئين: الشخص الذي يعبر والجمهور الذي يتوجه إليه. نحن نعرف الجمهور الذي تستهدفه هذه العبارة في المغرب. والشخص الذي يعبر يمكن أن يكون متنوعا للغاية. يمكن أن يكون رجلاً من الشعب أو ابن عائلة بورجوازية أو من أي طبقة اجتماعية. في أوروبا لدينا أمثلة من الأفلام التي هي فن من أجل الفن. هذا فن رسمي، لكن لا يتمتع بمحتوى ما على الإطلاق. سينمائي بورجوازي لديه اهتمامات شخصية غير اجتماعية ولا يهتم بالصراع الطبقي. حسنًا، إنه يريد إيجاد أشكال جديدة من التعبير الفني ويريد إثارة مشاعر جمهور معين. فيلم مميز جدا ...

أحمد البوعناني: مارينباد

عبد الله الزروالي: على سبيل المثال. ولكن لنأخذ مثالاً محددا، فقد شاهدت أفلامًا حيث لم يصور فيها المخرج أي شيء. أخذ الشريط الخام ورسم عليه رسومات، والتشكيل. إنه ماك لارين. لقد رسم على الشريط الخام، وحين عرضه أعطي خطوطًا غريبة، ولوحة تجريدية على الشاشة، وقد راق للجمهور. في رأيي، عندما نتحدث عن احتياجات الفيلم في المغرب، يجب ألا ننسى أننا سينمائيين مغاربة. أعني أن حاجة ما لا يمكن أن تستبعد أخرى. هناك العديد من الاحتياجات في البلاد. ينبغي تلبيتها كلها. ولا يمكن لمخرج واحد أن يحقق ذلك. سيكون هناك حتمًا سينمائيون ينجزون الملاحم، وآخرون سينتجون أفلامًا تربوية، وآخرون سيخرجون الأفلام الموسيقية.

أحمد البوعناني: على أي حال. اتهمني كريم سابقًا بكوني أسعى لإنجازالفن من أجل الفن. لم أرغب أبدا في ذلك. لا يهمني ذلك.

ادريس كريم: لم أتهمك بممارسة الفن من أجل الفن. أردت فقط أن أوضح بعض الأشياء الملتبسة، هذا كل ما في الأمر.

محمد عبد الرحمان التازي: طرح البوعناني مشكلة بأنه يجب أن تكون السينما وسيلة للنضال، وبعبارة أخرى ليس فنًا أبدًا. هناك ملاحظة أخرى: الجمهور الذي نتعامل معه ينقسم حتماً إلى قسمين: أولئك الذين يذهبون إلى السينما من أجل مضمون الفيلم، وأولئك الذين يذهبون إلى السينما للترفيه. بناءً على ذلك، يجب أن يكون هناك تنوع في تصور السينما بين المخرجين المغاربة.

أحمد البوعناني: أضيف شيئا إلى ما قاله التازي. الحقيقة هي أنه في المغرب حاليا، لا يوجد جمهور يذهب لمشاهدة فيلم من أجل مضمونه، إلا في الأندية السينمائية.

محمد عبد الرحمان التازي: دورنا هو أن نقوده لقبول هذه الرسالة من أجل تربيته

أحمد البوعناني: لكن هذا الجمهور محدود جدا.

محمد عبد الرحمان التازي: عندما تكون القوافل السينمائية منظمة بشكل جيد، ستكون وسيلة فعالة لتربيته

أحمد البوعناني: هذا هو المفروض عمله. لكن في الوقت الحالي، في المغرب، يذهب الناس للترفيه فقط.

ادريس كريم: أود أن أطرح سؤالاً. هل لدينا رسالة نتوجه بها إلى الجمهور؟ لأنه قد يصبح ذلك حينها مجرد ادعاء متصنع. أعود إلى السؤال الذي طرحه البوعناني في البداية عندما قال إنه من أجل إرسال رسالة إلى المجتمع، يجب أن يكون المرء قادرًا على القيام بذلك بنفسه. هل نعرف ما يكفي عن ثقافتنا وحضارتنا؟

أحمد البوعناني: لا توجد رسالة تنقلها في الفيلم. يجب أن يساعد الفيلم في زيادة الوعي ببعض الأشياء التي يتم تناولها في الفيلم.

ادريس كريم: أنا موافق.

أحمد البوعناني: هذا ما يسمى بغباء: رسالة.

محمد عبد الرحمان التازي: أعتقد أن المخرج المغربي على دراية بمسؤولياته في المجتمع يجب، بشكل ما، توعية الناس.

ادريس كريم: نعم، السينمائي ليس فوق المثقف أو فنان آخر. إنه يشارك بدوره في تنمية مجتمعه ضمن اختصاصه.

عبد اللطيف اللعبي: أود الآن أن نتطرق إلى المشكلة العملية للعقبات التي يواجهها المخرج المغربي في عمله.

عبد الله الزروالي: أعتقد أن مداخلة كريم قد حددت بالفعل جزئيًا إجابة على هذا السؤال بمعنى أن لدينا الآن مهمة يجب أن نفي بها. هناك حاجة إلى أن يعمل المخرج المغربي على تكوين نفسه، قبل أن يفكر في نقل رسالة اجتماعية ما، لكي يدرك حقيقة بلده، وحتى تكون تحليلاته فعالة وموضوعية.

محمد عبد الرحمان التازي: هناك تصور آخر: السينما-العين، سينما الترصد. يتعلق الأمر بالتفكير في حقيقة معينة موجودة. يجب أن يتمتع السينمائي برصيد منالثقافة.

ادريس كريم: أنا آسف، ولكن حتى بالنسبة إلى السينما-العين، فإنها تحتاج إلى قدر واسع من الثقافة. إنه ليس مجرد تسجيل للواقع. هناك خيار، تفسير. يتطلب هذا الاختيار ثقافة واسعة جدا من المخرج. إنه أصعب من تقطيع السيناريو.

عبد اللطيف اللعبي: هذه كلها عقبات شخصية. ما نريد معرفته هي العوائق الخارجية، المادية أو المعنوية، التي تعيق عمل المخرج المغربي.

محمد السقاط: أعتقد أن العقبة الأولى هي أن المخرج المغربي هو بصفة عامة موظف عمومي. إنه محدود، لا يمكنه فعل ما يريد. إنه مرتبط بإدارة تفرض عليه موضوعًا. من هذا الموضوع يحاول أن يحقق شيئا. لكن لا تزال هناك الفكرة المركزية مفروضة عليه.

ادريس كريم: لا أعتقد أنه العائق الوحيد. حتى في فيلم بطلب من الدولة، يمكننا أن نبين موهبة ما ونبرزها. رؤية معينة، الشيء الذي لم نفعله بعد في الأفلام الوثائقية التي أنجزناها حتى الآن، أو يوجد قليل منها. لماذا؟ لأننا، ربما، لم ندرك تمامًا ما نريد أن نقوله ونفعله. الآن لدينا الفرصة لتعريف أنفسنا ورؤية ما نريده بشكل أكثر وضوحًا. لنفترض أن لدينا جميع الخيارات، وأننا لسنا موظفين عموميين، وأننا قمنا بتحليل الوضع وأننا نعرف ما نريد القيام به. لا يزال هناك عائق كبير، وهو أننا لا نستطيع إنتاج فيلم أو فيلم روائي طويل أو فيلم قصير لأسباب اقتصادية بحتة. هذا ما يجب مناقشته أيضًا. لنفترض أننا منظمون في إطار جمعية للمخرجين المغاربة. نسعى إلى انطلاق السينما المغربية. ما العمل؟ ليس على الدولة أن تساعدنا.

محمد السقاط: وهذا ما نلاحظه أيضا، والذي لا يزال بمثابة عقبة حقيقية، هو أن هذه الأفلام، عندما يتم إنتاجها، لا يشاهدها الجمهور، فهي دائمًا في حصنها المغلق. ربما يتم عرض بعضها في الأندية السينمائية، وينتهي بها المطاف عند هذا الحد.

ادريس كريم: في رأيي، من الأفضل جدًا ألا يشاهد الجمهور هذه الأفلام، لأنها تسيء إلينا فعلا. من ناحية أخرى، أقول شيئًا آخر، ربما يكون قاسيًا بعض الشيء، كل ما فعلناه حتى الآن هو الهراء. لم نُعَبِّر عن أي شيء، وبدون موهبة. سأتناول قضية المخرجة أنييس فاردا التي حصلت على مشروع من بلدية نيس قبل بضع سنوات. فيلم سياحي بحت بعنوان "على الساحل". إنه فيلم جيد حقًا. تمكنت من التعبير على ما تريده رغم أنه فيلم تحت الطلب.

محمد عبد الرحمان التازي: سأخبر كريم أن فيلما حول سمك السردين الذي تَكَلَّفَ به العربي بناني بعنوان "لقمة عيش"، لا يتعامل مع مشكلة السردين، بل يتعامل مع اليوم الشاق للعاطل عن العمل لكسب لقمة عيشه. وكذا فيلم "صيادو آسفي" حيث التجأ عبد العزيز الرمضاني إلى طريقة مختلفة للتعامل مع الحياة اليومية للصيادين. إنه الجانب الاجتماعي الذي ركز عليه المخرج دون إغفال الفكرة المركزية للفيلم.

محمد السقاط: أعتقد أن المخرجين المغاربة أظهروا الكثير من حسن النية حتى الآن. لقد تمكنوا من إنجاز شيء ما اعتمادا على موضوع محدد سلفا.

ادريس كريم: أنا لا أعاتب أحدا بقصور في نيته الحسنة. علينا أن ننتقد أنفسنا بشدة لمحاولة التوصل إلى شيء أفضل مما هو موجود. أعتقد أننا وصلنا جميعًا إلى مرحلة نضج معينة. لدينا مستوى تعليمي مهم يمكننا أن ننجز شيئًا أفضل. ما نقوم به حتى الآن هو سينما عفا عليها الزمن تمامًا ولا تضيف شيئًا، لا من حيث المعلومات ولا في مضمونها. النتيجة ضئيلة جدا.

عبد الله الزروالي: أنا أتفهم مخاوف كريم وأشاركه إياها إلى حد ما. من المؤكد أننا لم نصل بعد إلى مستوى بعض السينمائيين المشهورين عالميًا، لأننا مازلنا، في الحقيقة، مبتدئين. كلنا شباب. لقد تعلمنا مهنتنا بعد الاستقلال، يعني قبل سنوات قليلة جدا. نحن نخطو خطواتنا الأولى. لقد تمكن السينمائيون المغاربة حاليا، لا أقول أتقنوا مهنتهم، لكن تعلموا أن يعبروا عن آرائهم. أعتقد أنه سيكون من الخطأ التركيز على المخرجين فقط عند الحديث عن السينمائيين المغاربة، لأنهم يشملون أيضا من يقومون بالمونتاج والتصوير، يعني جميع المهن السينمائية. يوجد قاسم مشترك بين هؤلاء السينمائيين، وهو أن لديهم جميعًا نفس الثقافة تقريبًا، وجميعهم تقريبًا ينتمون إلى نفس الوسط الاجتماعي.

أحمد البوعناني: لكن ليس لديهم نفس التكوين

عبد الله الزروالي: ليس لدينا جميعًا نفس التكوين لأننا لسنا جميعًا في نفس السن. لم نتدرب جميعًا في ظل نفس الظروف، على الرغم من أن الغالبية ذهبت إلى نفس المدرسة، "إيديك" l’IDHEC لكن، رغم ذلك، لدينا شيء واحد مشترك وهو أننا استفدنا من وجود مؤسسة سينمائية ورثناها من فترة الحماية. أشير إلى ذلك لأن الصعوبات التي مرت بها البلاد بعد الاستقلال لم تؤد إلى إنشاء سينما وطنية. لكننا نواصل الاستفادة من المؤسسة القائمة للاستمرار في تكوين أنفسنا. لقد أنتجنا أفلامًا تم تكليفنا بها، وحاولنا قدر الإمكان الاهتمام بالجانب الرسمي، للتعبير بلغة سينمائية. لا يهم ما هو الموضوع. تعبيراتنا ليست خارجة عن المألوف لأن المخرج لا يملك كل الوسائل الضرورية. لا يتم إعداد الموضوع بما فيه الكفاية لتطوير سيناريو جيد. لا يملك المخرجون الوقت الكافي لإعداد الأفلام التي سيخرجونها بالعناية المطلوبة. من ناحية أخرى، أعتقد أنه في الماضي لم تكن لدينا الوسائل التي لدينا الآن. ولم يكن لدينا المخرجين كما هو الحال الآن. لم تكن المعدات متوفرة أيضا. أعتقد أنه من الآن فصاعدًا يجب علينا إصدار حكم قيمي على السينمائيين المغاربة. علينا أن نناضل من أجل تطوير تكوينناوإنتاج أفلام ذات قيمة فنية. يمكن تعداد الصعوبات وهي كثيرة. لكن أصعب مشكل يكمن في الوضع الاقتصادي للبلاد. لأنه يجب ألا ننسى تقسيم الأنشطة السينمائية إلى ثلاث مراحل متميزة للغاية: 1) مرحلة صناعية وهي مرحلة إنتاج الفيلم. 2) المرحلة التجارية وهي توزيع الفيلم. 3) مرحلة تجارية أخرى وهي استغلال الفيلم. وعليه، فإن الفيلم بضاعة. يوجد في المغرب استغلال وتوزيع. يطرح الإنتاج مشاكل. إنتاج الأفلام الروائية يكاد يكون منعدما، وإنتاج الأفلام القصيرة موجود بالفعل، لكن بفضل الدولة، وهذا يعني بأموال دون فائدة وغير مربحة، فهي تستجيب لحاجات محددة جدا للإخبار ولاحتياجات بديهية. أعتقد أن الصعوبة الرئيسية لدينا تكمن في وجود إنتاج مغربي. لكي يكون هناك إنتاج، مهما كان مستوى المنتوج، يجب أن يكون لدينا أشخاص يستثمرون فيه. نحن نعلم طبعا أن الممولين يستثمرون فقط إذا كانوا متأكدين من الربح. لكي تكون هذه الإنتاجات مربحة، من الضروري ضمان أوسع توزيع ممكن. ومع ذلك، ووفقًا لحسابات السينمائيين المغاربة، فإن الفيلم الموجه للسوق المحلي فقط، غير مربح على الإطلاق. إنتاج فيلم مغربي يحتاج على الأقل إلى 25 مليونا. ولن يسترجع هذا الفيلم، في حالة توزيعه في المغرب، أكثر من عشرة ملايين كحد أقصى. لكي يكون هناك إنتاج في المغرب، فإننا بحاجة إلى سوق أوسع من السوق الوطنية، يمتد على مستوى القارة، سوق أفريقية مثلا. لذا يتطلب ذلك اتفاقيات مع دول أخرى، وهذا الفعل يتجاوز السينمائيين. ما يمكننا القيام به نحن هو المطالبة بذلك، وأعتقد أن هذه المهمة نقوم بها. لكن القرار لا يعود إلى المخرج في نهاية المطاف. دورنا هو تسطير طريق لسينما وطنية، ويبقى الأمر متروكا لمسؤولي الدولة لاتخاذ التدابير اللازمة لتشجيع إنتاج الأفلام المغربية.

محمد السقاط: أعتقد أنه طالما لدينا عدداً كبيراً من الأفلام المغربية القصيرة، فيجب أن ننجح بالفعل في اختراق دور السينما. لأن الأفلام الطويلة القادمة من الخارج مازالت لحد الآن مصحوبة بأفلامها القصيرة. ونتيجة لذلك، لا يتم توزيع الأفلام المغربية القصيرة، باستثناء قلة قليلة جدا وبصعوبة كبيرة. المطلوب هو أن نتمكن من توزيع كل الأفلام المغربية القصيرة وأن نحاول قدر الإمكان ألا نستورد إلا الأفلام الروائية الطويلة فقط ما دُمنا، في الوقت الحالي، لم ننتج أفلاما روائية حتى الآن، لكن أعتقد أن لدينا ما يكفي من الأفلام القصيرة وأنه لا يزال بإمكاننا إنتاج ما يكفي لتلبية احتياجات المغرب. يجب فرض الأفلام القصيرة المغربية في دور السينما.

عبد الله الزروالي: على مستوى التوزيع والاستغلال.

أحمد البوعناني: لا يمكن توزيع الأفلام القصيرة إلا بشرط واحد، أن يكون قد تم انتاجها لهذا الغرض، علما أن الأفلام القصيرة التي تم إنتاجها حتى الآن هي أفلام تحت الطلب. لا أفهم لماذا توزيعها في القاعات.

محمد السقاط: نعم، ولكن على الرغم من أنها أفلام تحت الطلب، (لكن) بها رؤية فنية سينمائية، وشكلا معينا من التعبير ينفرد به المخرج. كما شارك في هذه الأفلام تقنيون. لذاستسمح للمشاهد المغربي بالتعرف على السينمائيين المغاربة.

عبد الله الزروالي: أعتقد أننا لا نحاكم أي شخص، لا المخرجين المغاربة ولا المسؤولين عن السينما المغربية. نحن نرصد الصعوبات فمن أجل صياغة مطالبنا، لأننا ننتمي إلى قطاع سينمائي محدد للغاية، وهو قطاع إنتاج الأفلام. بدون إنتاج، لا يمكننا التعبير (عن أنفسنا). يتم حاليا استغلال وتوزيع الأفلام الأجنبية فقط في المغرب، وعواقبها سلبية. أولاً على الصعيد الاقتصادي، تنقسم إيرادات الأفلام إلى ثلاثة أجزاء، الثلث للإنتاج، والثلث للتوزيع، والثالث يتقاسمه المستغل (صاحب قاعة سينمائية) والدولة التي تفرض ضرائب على أسعار التذاكر. لكن في المغرب، إن نصيب الإنتاج بالنسبة للأفلام الأجنبية، يذهب إلى الخارج، بالعُملة الصعبة للمنتجين الأجانب.والتوزيع يتم بشكل رئيسي من لدن الشركات الأجنبية. يمثل الموزعون المغاربة نسبة ضئيلة جدا. يمكننا القول، بشكل عام، أن هناك فروعًا للشركات الأمريكية والأوروبية الكبرى بالمغرب مثل MGM...هناك موزعون مغاربة مثلMaghreb Unifilm. وفي بعض الحالات، تكون لوكالات التوزيع الأجنبية قاعات سينمائية خاصة بها في المغرب. هذه المشاكل التي تواجههاالسينما تسري أيضا على الصحافة.وبالتالي، فهذه مشكلة حساسة للغاية. تنعكس سلبا على اقتصادنا، وغير مربحة للمغرب لأن ثلثيْ عائدات الفيلم تخرج من المغرب على شكل عملة أجنبية. لكن أصحاب القاعات المغاربة والدولة باستخلاصها للضرائب، لا يمثل ذلك سوى ثلث عائدات الفيلم. لذا، فمن المُسْتَحْسَن أن يكون هناك إنتاج وتوزيع مغربي بحيث تبقى الأموال التي يجنيها الفيلم في المغرب، وتخلق فرصا للعمل، وتطور صناعة السينما. النتيجة الثانية المهمة للغاية، في رأيي، هي نتيجة ثقافية. إن الأفلام التي نراها هنا تمثل ثقافة أجنبية. فيلم "الويستيرن" يروي الملحمة الأمريكية، وتمثل الأفلام البوليسية الأدب الغربي، فمن الأفضل أن تكون هناك أفلام مغربية تعالج قضايا وطنية ثقافية واجتماعية ...

ادريس كريم: وإتاحة للمواطنين أيضا إمكانية التعبير عن أنفسهم وإنتاج أفلامهم.

عبد الله الزروالي: نشاهد مثلا أفلام الواقعية الإيطالية الجديدة، ونكتشف فيها مشاكل المجتمع الإيطالي التي تشبه مشاكلنا إلى حد ما. لكن لدينا خصوصياتنا للتعبير عنها. وخلاصة القول، بما أنه لا يوجد إنتاج وطني، ولأن التوزيع ليس وطنيا، فلذلك نتيجتان سلبيتان، نتيجة اقتصادية ونتائج ثقافية وأيديولوجية.

ادريس كريم: ما قاله الزروالي للتو مهم للغاية، فقط على المدى الطويل. الآن هناك شيء آخر مهم. أنا شخصياً لا أؤمن بتحرك الدولة لإنعاش السينما الوطنية أو السينما بشكل عام. لم نقم نحن أبدا بما يكفي من النقد الذاتي للخروج من هذا الركود. قال الزروالي قبل قليل إننا نعبر بشكل جيد للغاية في أفلامنا. لكنني أعتقد أن الأمر عكس ذلك. نحن لا نعبر بشكل واضح بما فيه الكفاية. صحيح، نتحكم في التقنيات، لكن التقنية ليست سوى طريقة للتعبير عن أنفسنا.

عبد الله الزروالي: لم أقل إننا نعبر بشكل جيد، قلت إننا نعبر بشكل سيء. وقد بررت ذلك.

ادريس كريم: ألاحظ شيئا آخر. لم نحاول أبدًا إيجاد مخرج بمفردنا. لقد اعتمدنا دائمًا على الدولة. لقد قلنا دائمًا أن الدولة ستفعل، وستفعل يوما ما. وأعتقد أنه ما لم نبذل جهدا شخصيا، لا يمكن للدولة أن تساعدنا أبدا. ربما ينبغي إيجاد طرق أخرى. لدينا أمثلة كافية حول العالم للسينمائيين الشباب الذين كانوا في وضعنا نفسه، الذين التأموا مع بعضهم في فريق موحد فحصلوا على بعض المال. لقد ركزوا بحماس على مواضيع التي حققوا بفضلها على لوحات رائعة، ثم انطلقوا بعد ذلك...

أحمد البوعناني: لقد وجدوا مؤسسات التوزيع. وجدوا سوقا. السوق قائم عندهم.

ادريس كريم: هم أيضا يفتقرون للسوق، إنه مغلق. نحن نحاول الحصول على كل المزايا قبل أن نبدأ. أعتقد أنه يجب علينا أن نغامر لكي ننجز (ب) شيء ما.

محمد السقاط: قال كريم من قبل بأننا ننتظر دائمًا أن تقوم الدولة بشيء ما. هذا ليس صحيحا. لقد حاولنا. لكن طالما أننا موظفون رسميون عند الدولة، فلم نصل أبدا. نحن موظفون، ونجد أنفسنا دائما خاضعين لمهمة رسمية.

محمد عبد الرحمان التازي: حتى لو أنتجنا فيلمنا بأموالنا الخاصة، فسيظل هذا الفيلم في الدرج لأنه لا يوجد سوق توزيع.

ادريس كريم: حسنًا، لننجز هذا الفيلم أولا وسنرى بعد ذلك

محمد عبد الرحمان التازي: إنها مغامرة محكوم عليها بالفشل من البداية.

ادريس كريم: لا أظن. أنا مقتنع أنه إذا حاولنا اليوم العثور على موضوع وتحديد كيفية تحقيقه وتوزيعه، فسننجح بالتأكيد

محمد عبد الرحمان التازي: بَيَّن الزروالي من قبل، أن الفيلم الذي يتطلب إنتاجه 25 مليون كحد أدنى، لا يمكن للسوق المحلي استرداد هذا القدر من المال.

ادريس كريم: لماذا نريد أن يكلف فيلمنا 25 مليون؟ هل قمنا بدراسات محددة؟

محمد عبد الرحمان التازي: هذا هو الحد الأدنى.

ادريس كريم: أنا أتحداكم. سأنجز فيلما ب 12 مليون.

محمد عبد الرحمان التازي: ليس لدينا المعدات.

أحمد البوعناني: لماذا لم تفعل ذلك؟

ادريس كريم: لأنني لن أستطيع. يجب أن نتوحد جميعا معا.

محمد عبد الرحمان التازي: أنا متأكد من أن 12 مليون لا تكفي لصنع فيلم، خاصة وأننا لا نملك المعدات اللازمة.

عبد الله الزروالي: كريم مقتنع دائما بأننا بحاجة إلى أقصى قدر من الشجاعة وأنه يتعين علينا إنجازعمل ما، وهو إنجاز تم تحقيقه في بلدان أخرى، ولكن في ظروف استثنائية على العموم.لنأخذ على سبيل المثال "الموجة الجديدة". خلال سنوات 58-59، كانت السينما الفرنسية تمر بأزمة. السينما التقليدية لا تتطور. كانت ضحية منافسة قوية من سينمات أخرى، الأمريكية والإيطالية. كان بعض السينمائيين الفرنسيين الشباب، معظمهم من النقاد، لديهم الشجاعة لتحمل زمام الأمور وإنجاز أفلام مهما كان الأمر. دعونا نرى من هم هؤلاء الناس أولاً. إنهم أبناء رجال الصناعة والتجارة، أي أبناء البرجوازيين الذين لديهم المال، ولإعطاء مثال ملموس، أذكر"لويس مال" الذي بدأ في سنة 1958 بفيلم "مصعد إلى المشنقة". أعطاه والده 80 مليون لصنع الفيلم.

ادريس كريم: نعم، لكن هذه حالة خاصة.

عبد الله الزروالي: حالة خاصة؟ خذ شابرول، غودار، جميع مخرجي "الموجة الجديدة" ليسوا مضطرين للعمل من أجل كسب لقمة العيش لأن لديهم عائلات ميسورة تسمح لهم، أثناء القيام بعمل فني، بأن لا يموتوا جوعا. في حين لا يمكننا التوقف عن العمل لمدة أسبوع. أنت نفسك يا كريم عليك أن تصنع أفلاما للتلفزيون وأفلاما لتكسب لقمة العيش، كتصوير الأغاني التي لا تحب إخراجها، حتى تتمكن من العيش. لكي ننجز أفلاما خارج إطار عملنا المهني، وللإدارة التي نعمل معها. سنحتاج إلى وقت وحد أدنى من المال. لذلك لا ينبغي لنا أن نكون طوباويين، وهذا لا يعني أننا لن ننجز أفلاما أبدا خارج الإدارة. ربما في غضون بضع سنوات سيكون لدينا ما يكفي من رصيد مالي لنأخذ جميعا إجازة جماعية كي ننتج فيلمنا.

ادريس كريم: لكن الجمهور ينتظر متعطشًا لمشاهدة سينما شابة ولدت هنا في المغرب. يشعر بخيبة أمل كبيرة ويقول "ماذا يفعل المخرجون في المغرب؟ ومع ذلك، فنحن نعرفهم أشخاصا مثقفين ومتعلمين لديهم ما يقولونه، لكنهم لا يقولون شيئا".

أحمد البوعناني: لأنهم يجهلون مشاكلنا.

ادريس كريم: يعرفون جيدا الصعوبات الاقتصادية التي نواجهها، لكنهم يقولون: "عندما أُتيحت لهم الفرصة لفعل شيء ما، فإنهم لم يعبروا عن شيء ما، ولا لمسة من الذكاء"

أحمد البوعناني: لم تسنح لنا الفرصة قط.

ادريس كريم: أؤكد مرة أخرى بأن السينما التي صنعناها منذ الاستقلال لا تساوي شيئا على الإطلاق ولم تفدنا في شيء.

عبد الله الزروالي: إنك تكرر بالضبط ما تقوله لك الصحف الوطنية والرأي العام الذي نتفق معه تماما.

ادريس كريم: لذا لا تخافوا من قوله

عبد الله الزروالي: لا نخشى من قوله. لكنها مشكلة أخرى. إنه بالضبط نفس الوضع بالنسبة للكتاب، جميع الذين يمكنهم التعبير عن أنفسهم. ما الذي يعيق تعبيرنا؟ أعتقد أننا نوجد جميعا في نفس الوضع، ولدينا صعوبات والمشاكل التي تطرحها. في رأيي، هي القدرة على التعبير عن نفسك على الرغم من صعوبة السياق.

ادريس كريم: تماما

عبد الله الزروالي: حسنًا، أعتقد أن هذا العتاب يمكن توجيهه إلى جميع الرجال الذين يمكنهم التعبير، وليس فقط للسينمائيين.

ادريس كريم: نعم، لكن نحن نتحدث عن السينمائيين

عبد الله الزروالي: أعتقد أننا جميعًا متفقون على أننا لم ننتج تحفة فنية. من ناحية أخرى، نتفق على وجود صعوبات يجب التغلب عليها. ثالثًا، القول بأن هناك الأطر والمعدات اللازمة.

ادريس كريم: تماما

عبد الله الزروالي: ولاحظنا أيضا عدم وجود الأسواق. يمكننا مناقشة أسباب هذا الغياب باستفاضة.

ادريس كريم: ربما يمكننا إيجاد بعض الحلول.

عبد الله الزروالي: الحلول واضحة. يرتبط الوضع الاقتصادي للسينما بالوضع الاقتصادي للبلاد ككل. ستتطور السينما كما ستتطور جميع القطاعات الأخرى، الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. أخيرًا، اعتمادا على كل ما قلناه، يتبين أننا ندرك الصعوبات ونريد المضي قدما من خلال اتخاذ الإجراءات. نحن فقط لا نعرف بالضبط ما يجب أن يكون عملنا. نحن في مرحلة البحث.





حقوق النشر © ليا مورين /  سينما 3 / الثالثة 2020